عملية تغيير مفصل الركبة

قم بتقييم الموضوع post

يعد مفصل الركبة أحد المفاصل الحيوية في جسم الإنسان، حيث يتحمل معظم وزن الجسم ويشارك في معظم الأنشطة الحركية اليومية، من المشي والصعود إلى الجري والجلوس، إلا أن العديد من الأشخاص يعانون من تدهور وظيفة مفصل الركبة مع التقدم في العمر أو نتيجة لحالات مرضية مثل التهابات المفاصل المزمنة أو الإصابات المباشرة، وعندما تفشل العلاج في التخفيف من الألم وتحسين الأداء الحركي، تصبح عملية تغيير مفصل الركبة خيارًا علاجيًا جوهريًا لاستعادة صحة الركبة.

ما هي عملية تغيير مفصل الركبة؟

في البداية، من المهم توضيح أن عملية تغيير مفصل الركبة هي إجراء جراحي يستبدل فيه المفصل التالف بآخر صناعي مصنوع عادة من خليط من المعدن والبلاستيك الطبي يطلق على هذا الإجراء أيضًا “استبدال الركبة بالكامل” أو “استبدال جزئي”، بحسب درجة التلف الحاصل في المفصل، ويهدف هذا الإجراء إلى:

  • التخلص من الألم المزمن.
  • استعادة القدرة على الحركة.
  • تحسين أداء الأنشطة اليومية.
  • تصحيح التشوهات في المفصل.

ما هي عملية تغير مفصل الركبة؟

متى يحتاج المريض إلى تغير مفصل الركبة؟

يحتاج المريض إلى تغير مفصل الركبة عندما تصبح أعراض الألم والتصلب والعجز الحركي شديدة ومستعصية، وتعيق ممارسة الحياة اليومية، ولا تستجيب للعلاجات التقليدية كالأدوية أو العلاج الفيزيائي وغالبًا ما يكون ذلك نتيجة تآكل أو تلف المفصل بسبب أمراض مزمنة أو إصابات مباشرة، أبرز المؤشرات التي تستدعي التفكير في الجراحة:

1. ألم مزمن لا يتحسن

عندما يعاني المريض من ألم مستمر في الركبة، سواء أثناء الحركة أو الراحة، ولا يزول باستخدام المسكنات أو حتى بعد جلسات العلاج الطبيعي، فإن هذا الألم يعد من العلامات الأكثر وضوحًا على تدهور المفصل.

2. تيبس المفصل وتقييد الحركة

إذا أصبح تحريك الركبة صعبًا، لا سيما عند الجلوس، أو الاستيقاظ من النوم، أو محاولة الانحناء، فإن ذلك يدل على أن المفصل قد فقد مرونته الطبيعية.

3. تورم متكرر أو دائم

التورم المزمن في الركبة دون استجابة واضحة للأدوية المضادة للالتهاب قد يشير إلى تلف داخلي حاد في المفصل.

4. تشوه شكل الركبة

قد تلاحظ انحرافًا في الساق أو التواء ملحوظ في المفصل، مما يغير من طريقة الوقوف أو المشي، ويعرف ذلك طبيًا بتشوه محور الركبة.

5. صعوبة في أداء الأنشطة اليومية

عندما يصبح الصعود على السلم، أو حتى المشي البسيط، عبئًا مؤلمًا ومجهدًا، فهذا مؤشر خطير على أن المفصل لم يعد يؤدي وظيفته بكفاءة.

6. فشل العلاجات المحافظة

إذا استنفد الطبيب والمريض خيارات العلاج غير الجراحي مثل الحقن الموضعية، أو الأدوية، أو جلسات العلاج الطبيعي دون تحسن ملموس، فحينها يطرح خيار الجراحة بقوة.

أنواع عمليات تغيير مفصل الركبة

في ضوء تنوع الحالات الطبية وتفاوت درجات تآكل المفصل، ظهرت أنواع متعددة من جراحات استبدال الركبة لتتناسب مع كل حالة على حدة، ويمكن تصنيف هذه العمليات إلى نوعين رئيسيين، يختلفان من حيث مدى التغيير المطلوب داخل المفصل:

أولًا: الاستبدال الكامل لمفصل الركبة

يعتبر هذا النوع الأكثر شيوعًا، خاصة لدى المرضى الذين يعانون من خشونة شديدة أو تلف واسع النطاق في المفصل، في هذا الإجراء، يقوم الجراح بإزالة كافة الأجزاء التالفة من المفصل، بما في ذلك نهايات عظم الفخذ والساق، ويستبدلها بمكونات صناعية مصنوعة من خليط معدني وبولي إيثيلين عالي الجودة.

يتم تصميم المفصل الصناعي بعناية ليلائم الحركة الطبيعية للركبة قدر الإمكان، ما يمكن المريض من استعادة القدرة على المشي والحركة دون ألم، يوصى بهذا النوع في الحالات التالية:

  • تلف المفصل بالكامل.
  • انحراف في محور الركبة.
  • فشل العلاج التحفظي في الحالات المتقدمة.

 

  • ثانيًا: الاستبدال الجزئي لمفصل الركبة

يعد الاستبدال الجزئي خيارًا مناسبًا عندما يكون التلف محصورًا في جهة واحدة فقط من الركبة، سواء كانت الجهة الداخلية أو الخارجية، في هذه الحالة، يتم استبدال الجزء المتضرر فقط، بينما تترك بقية مكونات المفصل السليمة كما هي، حيث يمتاز هذا النوع بعدة مزايا:

  • شق جراحي أصغر.
  • فقدان أقل للعظم الطبيعي.
  • تعافي أسرع نسبيًا مقارنة بالاستبدال الكامل.
  • احتفاظ أكبر بالإحساس الطبيعي للركبة.
  • ومع ذلك، لا يناسب هذا النوع جميع المرضى، بل يشترط أن يكون التلف موضعيًا وأن تكون الأربطة الأساسية في المفصل بحالة جيدة.
أنواع عمليات تغيير مفصل الركبة
أنواع عمليات تغيير مفصل الركبة

خطوات عملية تغيير مفصل الركبة

تتسم عملية تغيير مفصل الركبة بدقة عالية وتتم ضمن مراحل مدروسة، على النحو الآتي:

  1. التخدير: إما تخدير كلي أو نصفي حسب حالة المريض.
  2. الشق الجراحي: يجرى شق طولي في مقدمة الركبة للوصول إلى المفصل.
  3. إزالة الأجزاء التالفة: يتم تنظيف المفصل وإزالة الغضاريف والعظام المتآكلة.
  4. تثبيت المفصل الصناعي: يتم تركيب الأجزاء الجديدة وتثبت باستخدام الأسمنت العظمي.
  5. إغلاق الجرح: يتم غلق الجرح بخيوط طبية مع وضع أنبوب لتصريف السوائل.

ما بعد العملية.. التعافي وإعادة التأهيل

بعد إجراء عملية تغيير مفصل الركبة، يبدأ المريض رحلة التعافي، وهى مرحلة لا تقل أهمية عن الجراحة نفسها، وتشمل مراحل التأهيل ما يلي:

1. فترة الإقامة في المستشفى

عادة ما يمكث المريض في المستشفى من 3 إلى 5 أيام، حسب استجابته للجراحة خلال هذه الفترة، يتابع الفريق الطبي المؤشرات الحيوية ويدير الألم.

2. العلاج الفيزيائي

يبدأ العلاج الطبيعي في اليوم الأول بعد الجراحة يساعد على:

  • تقوية العضلات المحيطة بالركبة.
  • تحسين نطاق الحركة.
  • منع تكون الجلطات الدموية.
  • تسريع الشفاء.

3. العودة إلى الحياة الطبيعية

يستطيع المريض العودة إلى أنشطته اليومية في غضون 6 إلى 8 أسابيع، في حين يسمح ببعض الأنشطة الرياضية الخفيفة بعد 3 إلى 6 أشهر ومع ذلك، يجب تجنب الرياضات عالية التأثير.

المضاعفات المحتملة بعد عملية تغيير مفصل الركبة

رغم أن عملية تغيير مفصل الركبة تعد من أنجح الإجراءات الجراحية في طب العظام، وتحقق نسب رضا عالية بين المرضى، إلا أنها كغيرها من العمليات الكبرى لا تخلو من احتمالات حدوث مضاعفات ومن الضروري أن يكون المريض على دراية بهذه المضاعفات، حتى يدرك أهمية المتابعة الدقيقة بعد الجراحة والالتزام بالتعليمات الطبية، فيما يلي أبرز المضاعفات التي قد تحدث بعد الجراحة:

1. العدوى (التلوث الجرثومي)

تعد العدوى من أخطر المضاعفات، وإن كانت نادرة وقد تظهر في الجرح الخارجي أو في عمق المفصل نفسه تشمل أعراض العدوى: احمرار، حرارة، ألم متزايد، تورم، أو خروج إفرازات من الجرح، في حال الاشتباه بعدوى عميقة، قد يحتاج الأمر إلى تدخل جراحي جديد لتنظيف المفصل أو حتى استبداله مرة أخرى.

2. جلطات الدم

يعد تكون الجلطات الوريدية العميقة خاصة في الساقين من المضاعفات المعروفة بعد أي جراحة كبيرة، وتكمن الخطورة في احتمال انتقال الجلطة إلى الرئتين، مما يسبب حالة طارئة تعرف بالانسداد الرئوي، لتقليل هذا الخطر، يوصى بتحريك الساقين مبكرًا، واستخدام الأدوية المميعة للدم بحسب إرشادات الطبيب.

3. تصلب المفصل أو ضعف في المدى الحركي

في بعض الحالات، لا يستعيد المريض المدى الكامل لحركة الركبة، وقد يشعر بتصلب أو محدودية في الحركة، خاصة إذا لم يلتزم ببرنامج العلاج الطبيعي بعد الجراحة.

4. آلام مزمنة

رغم نجاح الجراحة من الناحية التقنية، قد يعاني بعض المرضى من آلام مستمرة في الركبة، وهي حالة نادرة، وغالبًا ما تكون نتيجة التهاب بسيط، أو تحسس تجاه أحد مكونات المفصل الصناعي.

5. عدم استقرار المفصل أو خلعه

قد يحدث أن يفقد المفصل الصناعي توازنه أو يخلع في حالات نادرة، لا سيما إذا لم تراعي أوضاع الحركة الصحيحة بعد العملية، أو في حال تآكل الأنسجة الداعمة.

6. تآكل أو تفكك المفصل الصناعي بمرور الوقت

على الرغم من أن المفاصل الصناعية تم تصميمها لتدوم لسنوات طويلة (تتراوح غالبًا بين 15 و20 عامًا)، فإنها قد تتعرض للتآكل أو التفكك التدريجي، خاصة في حال النشاط الزائد أو الوزن الزائد.

7. رد فعل تحسسي تجاه مكونات المفصل

بعض المرضى قد يظهرون تحسسًا تجاه المعادن المستخدمة في صناعة المفصل الصناعي، مثل النيكل أو الكروم، وهذا قد يؤدي إلى التهابات أو رفض للجسم الغريب.

المضاعفات المحتملة بعد عملية تغير مفصل الركبة

تكلفة العملية والعوامل المؤثرة فيها

تختلف تكلفة عملية تغيير مفصل الركبة من بلد إلى آخر، بل ومن مركز طبي إلى آخر داخل البلد ذاته، وترتبط بعدة عوامل منها:

  • نوع المفصل الصناعي وجودته.
  • أجور الجراح والفريق الطبي.
  • مدة الإقامة في المستشفى.
  • الفحوصات المرافقة قبل وبعد العملية.
  • طبيعة التأهيل والعلاج الفيزيائي.

بصورة عامة، تعد العملية استثمارًا طويل الأمد في نوعية حياة المريض وصحته العامة.

متى يجب مراجعة الطبيب بعد العملية؟

لا تنتهي المتابعة الطبية بمجرد مغادرة المستشفى، بل تعد الزيارات المنتظمة جزءًا لا يتجزأ من خطة العلاج، خاصة في الحالات التالية:

  • ظهور تورم مفرط أو احمرار.
  • ارتفاع حرارة الجسم.
  • خروج إفرازات من موضع الجرح.
  • صعوبة غير معتادة في تحريك الركبة.
  • ألم مستمر رغم استخدام المسكنات.

في نهاية المقال؛ يؤكد الدكتور ياسر رضا، استشاري جراحة العظام والمفاصل، أن عملية تغيير مفصل الركبة لم تعد إجراء معقد كما كانت في الماضي، بل أصبحت اليوم من العمليات الآمنة والفعالة التي تعيد للمرضى القدرة على الحركة والحياة دون ألم.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *