كل ما تحتاج لمعرفته عن حقن مفصل الركبة

5/5 - (14 صوت)

كل ما تحتاج لمعرفته عن حقن مفصل الركبة بلازما؛ هذا ما سيتم عرضه بالتفصيل خلال السطور القادمة حيث أن في السنوات الأخيرة برز الطب التجديدي كأحد أهم الفروع الطبية التي تحمل بين طياتها آمالًا كبيرة للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، خاصة في تلك المرتبطة بالجهاز العضلي الهيكلي، مثل التهاب المفاصل وخشونة الركبة وتآكل الغضاريف؛ هذا المجال لا يكتفي بتقديم حلول مسكنة، بل يسعى لإعادة إصلاح الأنسجة المتضررة وتحفيز الجسم على التعافي الذاتي بدون الحاجة إلى جراحة تقليدية؛ وبينما كانت الحلول المتاحة في السابق تقتصر على العلاجات الدوائية أو التدخل الجراحي في المراحل المتقدمة، فقد جاء استخدام البلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP) ليشكل نقلة نوعية في الطريقة التي نتعامل بها مع هذه الحالات؛ هذه التقنية تعتمد على مبدأ بسيط لكنه فعال وهي الاستفادة من مكونات الدم الخاصة بالمريض نفسه لتحفيز عملية الشفاء داخل المفصل، وتحديدًا في الركبة، التي تعد أكثر عرضة للتآكل بفعل التقدم في السن، أو الوزن الزائد، أو الإصابات المتكررة.

ما يميز هذه الحقن أنها تستخلص من دم المريض بدون أي تدخل خارجي، مما يجعلها أكثر أمانًا وأقل عرضة للمضاعفات مقارنة بالحقن الأخرى مثل الكورتيزون أو المواد الصناعية؛ حيث تكمن فاعليتها في الصفائح الدموية التي تحتوي على عوامل نمو متعددة تعمل على إصلاح الأنسجة المتضررة، وتقليل الالتهاب، وتحفيز إنتاج خلايا غضروفية جديدة في هذا السياق، بدأت حقن البلازما تستخدم على نطاق واسع في علاج خشونة الركبة بدرجاتها الخفيفة إلى المتوسطة، حيث تساعد على تحسين وظيفة المفصل، وتخفيف الألم، وتأخير اللجوء إلى الجراحة ومع ازدياد عدد الدراسات السريرية التي تثبت جدواها، بات كثير من الأطباء ينظرون إليها على أنها خيار وسطي مثالي بين العلاج الدوائي محدود المفعول، والتدخل الجراحي الذي قد يكون غير ملائم لبعض المرضى، خاصة كبار السن أو من يعانون من أمراض مزمنة؛ ولكن على الرغم من ذلك، تبقى هناك تساؤلات مشروعة حول فعالية هذه التقنية على المدى الطويل، ومدى تناسبها مع كل حالة على حدة لذلك، فإن فهم آلية عمل حقن البلازما، ومعرفة الحالات التي تستفيد منها بشكل فعلي، والتعرف على فوائدها المحتملة مقابل حدودها، كلها أمور ضرورية قبل اتخاذ قرار اللجوء إليها كخيار علاجي في هذا المقال، نسلط الضوء على كل ما يتعلق بهذه التقنية الحديثة، ونستعرض أبرز ما توصل إليه الطب في هذا المجال الواعد.

كل ما تحتاج لمعرفته عن حقن مفصل الركبة بلازما
كل ما تحتاج لمعرفته عن حقن مفصل الركبة بلازما

ما هي حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية؟

تعتبر حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP) واحدة من أهم العلاجات الحديثة التي تعتمد على إمكانيات الجسم الطبيعية في الشفاء الذاتي؛ حيث تستخرج هذه المادة من دم المريض نفسه، حيث تسحب عينة بسيطة من الدم، ثم توضع في جهاز طرد مركزي يفصل مكونات الدم المختلفة، وكل ذلك ليستخلص منها الجزء الذي يحتوي على أعلى تركيز من الصفائح الدموية والبلازما؛ كما تكمن أهمية هذه الصفائح في احتوائها على مجموعة كبيرة من عوامل النمو والمواد البيولوجية النشطة التي تلعب دورًا رئيسيًا في تحفيز الخلايا الجذعية، وتعزيز التئام الأنسجة، وتجديد الخلايا المتضررة؛ ومن خلال إعادة حقن هذا المزيج في الأماكن المصابة؛ مثل مفصل الركبة المتألم أو المتآكل؛ كما يمكن تسريع وتيرة الشفاء بطريقة طبيعية وآمنة، دون تدخلات جراحية أو أدوية كيميائية.

كما تتميز هذه التقنية بكونها مستمدة من الجسم نفسه، هذا يعني انخفاض خطر حدوث ردود فعل مناعية أو تحسس؛ فهي لا تحتوي على أي مواد غريبة أو صناعية، ولا تضاف إليها أدوية أو مركبات دوائية، مما يجعلها خيارًا مفضلًا للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة أو من لديهم تحفظات على تناول الأدوية التقليدية كما أن الصفائح الدموية تحتوي على بروتينات تسمى “عوامل النمو” (Growth Factors) تقوم بتحفيز عمليات ترميم الأنسجة الغضروفية، وتعزيز تدفق الدم إلى المفصل، وتقليل الالتهابات الموضعية وهذا التأثير المزدوج؛ المضاد للالتهاب والمحفز للتجدد هو ما يمنح البلازما الغنية بالصفائح مكانة متقدمة ضمن علاجات الخشونة وآلام الركبة، خاصة لدى المرضى في المراحل المبكرة إلى المتوسطة من تآكل المفصل.

وبهذا تعتبر هذه التقنية مثالا عمليًا على استخدام موارد الجسم ذاته لتحفيز الشفاء الذاتي، وهو ما يتماشى مع مبادئ الطب التجديدي الذي يسعى إلى الحد من التدخلات الجراحية قدر الإمكان وبفضل بساطة الإجراء وارتفاع معدلات الأمان المرتبطة به، أصبحت حقن البلازما تستخدم اليوم في عدد متزايد من التخصصات الطبية، مثل جراحة العظام، والطب الرياضي، وحتى تجميل الجلد والشعر؛ لكن تبقى الركبة واحدة من أكثر الأماكن شيوعًا لتطبيق هذا النوع من العلاج، نظرًا لكونها من أكثر المفاصل عرضة للتآكل مع التقدم في العمر أو كثرة الحركة، أو بسبب الوزن الزائد والإصابات المتكررة.

كل ما تحتاج لمعرفته عن حقن مفصل الركبة بلازما

خطوات إجراء الحقن بالبلازما لمفصل الركبة

يعد إجراء حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية في مفصل الركبة من الإجراءات البسيطة والفعالة التي لا تتطلب تدخلاً جراحيًا أو إقامة في المستشفى ورغم بساطته النسبية، فإنه يجب أن يتم تحت إشراف طبيب متخصص في أمراض العظام أو الطب الرياضي، لضمان تحقيق أفضل النتائج وتقليل أي مخاطر محتملة؛ حيث تبدأ الخطوة الأولى بسحب كمية بسيطة من دم المريض، تتراوح في المعتاد بين 15 إلى 30 ملليلترًا، وهي كمية كافية لاستخلاص ما يعرف بـ “الذهب السائل”، أي البلازما الغنية بالصفائح حيث يوضع الدم المسحوب في أنبوب خاص داخل جهاز الطرد المركزي، الذي يعمل على فصل مكونات الدم المختلفة عبر سرعة دوران عالية، لينتج عن ذلك طبقات واضحة، من بينها الطبقة التي تحتوي على الصفائح الدموية المركزة داخل البلازما.

حيث يتم إجراء حقن البلازما داخل مفصل الركبة في العيادة أو المركز الطبي المتخصص، بدون الحاجة إلى تخدير عام أو جراحة؛ كما تشمل الخطوات الأساسية ما يلي:

1. تقييم الحالة سريريًا:
يبدأ الطبيب المعالج بتقييم شامل لحالة الركبة، اعتمادًا على الفحص السريري وصور الأشعة أو الرنين المغناطيسي، لتحديد ما إذا كان المريض مرشحًا مناسبًا لهذا النوع من الحقن.

2. سحب عينة من دم المريض:
تسحب كمية بسيطة من الدم، عادة ما تتراوح بين 15 إلى 30 مل، باستخدام أدوات معقمة تمامًا، تمامًا كما يتم في تحاليل الدم التقليدية.

3. فصل مكونات الدم باستخدام الطرد المركزي:
توضع العينة المسحوبة في جهاز الطرد المركزي، والذي يعمل على فصل البلازما والصفائح الدموية عن كريات الدم الحمراء والبيضاء، ويستغرق ذلك بضع دقائق.

4. استخلاص البلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP):
يؤخذ الجزء الأعلى تركيزًا من البلازما والذي يحتوي على كمية كبيرة من الصفائح الدموية ويتم تحضيره للحقن.

5. تعقيم منطقة الحقن:
تنظف منطقة الركبة جيدًا باستخدام مواد مطهرة لتقليل خطر الالتهاب أو العدوى، ويحدد الموضع الدقيق للحقن.

6. توجيه الإبرة إلى المفصل:
في بعض الحالات، يستخدم جهاز الموجات فوق الصوتية (السونار) لتوجيه الإبرة بدقة إلى المكان المصاب داخل مفصل الركبة.

7. الحقن بالبلازما:
يحقن المحلول المركز من الصفائح الدموية مباشرة في المفصل، باستخدام إبرة دقيقة جدًا لتقليل الألم وتحقيق أقصى فعالية.

8. المراقبة بعد الإجراء:
يراقب المريض لبضع دقائق بعد الحقن، للتأكد من عدم ظهور أي تفاعلات فورية، ثم يسمح له بمغادرة العيادة في نفس اليوم.

9. التعليمات بعد الحقن:
ينصح المريض بالراحة لمدة 24 إلى 48 ساعة، وتجنب الأنشطة البدنية الشاقة قد يستخدم كيس ثلج لتخفيف التورم الموضعي، مع المتابعة الدورية حسب تعليمات الطبيب.

كل ما تحتاج لمعرفته عن حقن مفصل الركبة بلازما

الحالات التي ينصح فيها بحقن البلازما في الركبة

رغم أن حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP) لا تصلح لجميع مرضى خشونة الركبة أو مشكلات المفاصل، فإن هناك فئات معينة يوصى باستخدامها معهم، بناء على التقييم الإكلينيكي واستجابة الجسم للعلاجات الأخرى؛ كما تشمل هذه الحالات ما يلي:

1. خشونة الركبة في مراحلها المبكرة والمتوسطة (الدرجة الأولى والثانية):
حيث تكون الأنسجة الغضروفية لا تزال قائمة جزئيًا، ويمكن تحفيزها على التجدد عبر عوامل النمو الموجودة في البلازما.

2. الإصابات الرياضية الخفيفة إلى المتوسطة:
مثل تمزق الأربطة الجزئي، أو إصابات الغضروف الهلالي، والتي تستفيد من تحفيز الالتئام الطبيعي دون الحاجة إلى جراحة.

3. آلام الركبة الناتجة عن التهابات مزمنة:
خاصة في الحالات التي لم يظهر فيها تلف شديد في المفصل، إذ تعمل البلازما على تقليل الالتهاب وتحسين مرونة المفصل.

4. المرضى غير القادرين على تحمّل المسكنات أو مضادات الالتهاب:
مثل كبار السن أو مرضى الكُلى والكبد، الذين قد يتضررون من الأدوية التقليدية.

5. الحالات التي لم تستجب للعلاج الطبيعي أو الأدوية:
حين لا تحقق العلاجات التقليدية تحسنًا ملموسًا، يمكن اللجوء للبلازما كخيار غير جراحي فعال.

6. المرضى الراغبون في تجنب العمليات الجراحية:
في المراحل المبكرة، حيث يفضل كثيرون تأجيل الجراحة والاعتماد على وسائل أكثر أمانًا.

كل ما تحتاج لمعرفته عن حقن مفصل الركبة بلازما

الفرق بين حقن البلازما وبدائل أخرى مثل الكورتيزون أو حمض الهيالورونيك

في مجال علاج آلام الركبة وخشونتها، قد يختلط الأمر على المرضى بين أنواع متعددة من الحقن التي تستخدم لتحقيق الراحة وتحسين حركة المفصل؛ ومع أن هذه الوسائل تتشابه في الشكل الخارجي (إجراء الحقن داخل المفصل)، إلا أن لكل منها آلية مختلفة تمامًا وتأثيرات خاصة، وفيما يلي توضيح للفروقات الجوهرية:

1. حقن الكورتيزون

  • الهدف: تقليل الالتهاب الحاد وتخفيف الألم سريعًا.
  • آلية العمل: يعمل كمضاد قوي للالتهاب، مما يخفف التورم ويوفر راحة فورية في بعض الحالات.
  • المدة الزمنية للتأثير: يظهر التأثير سريعًا لكنه مؤقت؛ غالبًا من أسابيع إلى بضعة أشهر فقط.
  • الآثار الجانبية: الاستخدام المتكرر قد يؤدي إلى تلف الغضاريف، وضعف الأوتار، وارتفاع ضغط الدم أو السكر لدى البعض.
  • متى يستخدم: في الحالات التي يعاني فيها المريض من التهاب شديد حاد، ولا يمكن الانتظار لتأثير العلاجات الأخرى.

2. حقن حمض الهيالورونيك (Hyaluronic Acid

  • الهدف: تحسين لزوجة السائل المفصلي وتسهيل حركة الركبة.
  • آلية العمل: يعمل كـ”مادة تزليق” داخل المفصل، مما يقلل من احتكاك العظام ويُسهل الحركة.
  • المدة الزمنية للتأثير: يبدأ تأثيره تدريجيًا، وقد يستمر لعدة أشهر في بعض الحالات.
  • الآثار الجانبية: آمنة نسبيًا، لكن لا تعالج السبب الجذري لتلف المفصل، ولا تحفز النمو الخلوي.
  • متى يستخدم: في حالات الخشونة المتوسطة، خاصة عند وجود نقص في السائل الزلالي داخل المفصل.

3. حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP)

  • الهدف: تحفيز الجسم على شفاء نفسه من خلال عوامل النمو الذاتية.
  • آلية العمل: تعمل الصفائح الدموية المحقونة على إطلاق بروتينات خاصة تُنشّط عمليات التجدد الخلوي، وترميم الأنسجة التالفة.
  • المدة الزمنية للتأثير: يبدأ التأثير بشكل تدريجي خلال أسابيع، ويستمر لأشهر حسب استجابة الجسم.
  • الآثار الجانبية: منخفضة للغاية؛ نظرًا لاعتمادها على دم المريض نفسه، دون إدخال أي مواد كيميائية.
  • متى يستخدم: في مراحل الخشونة الخفيفة إلى المتوسطة، أو لعلاج إصابات الأربطة والغضاريف، وللمرضى الراغبين في علاج آمن طويل المدى.

يوضح الدكتور ياسر رضا استشاري جراحة العظام والمفاصل، أن حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية أصبحت من الخيارات الحديثة والفعالة لعلاج آلام مفصل الركبة، خاصة في المراحل المبكرة من الخشونة أو في حالات الإصابات الرياضية الخفيفة؛ ويؤكد أن هذه التقنية تمثل نقلة نوعية في مجال الطب التجديدي، حيث تعتمد على تحفيز الجسم للشفاء الذاتي دون تدخل جراحي أو أدوية كيماوية.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *